Friday, November 28, 2014

الإمام الشيخ إبراهيم بن محمد بن أحمد الشافعي الباجوري الشيخ التاسع عشر للأزهر



هو الإمام الشيخ إبراهيم بن محمد بن أحمد الشافعي الباجوري
نسبة إلى بلدة الباجور، واشتهر بهذه التسمية وولد بها سنة 1198هـ - 1784م ، وهي إحدى مدن محافظة المنوفية، وفيها علماء كثيرون تأثر بهم "الباجوري" منهم والده البرهان الباجوري، وهو على هذا نرى أنه نشأ في بيئة علمية من شأنها إنجاب العلماء والعباقرة، وقد نشأ الباجوري تحت رعاية والده، حيث حفظ القرآن الكريم وجوَّده عليه وقَدِمَ إلى الأزهر لطلب العلم سنة 1212هـ وترك القاهرة فترة الاحتلال الفرنسي، ثم عاد إليها، ثم جدَّ واجتهد في طلب العلم وداوم عليه، وتتلمذ على أعلام علماء الأزهر مثل الشيخ محمد الأمير الذي أجازه بجميع ما ورد في "ثبته" وتتلمذ على الشيخ الشرقاوي والقويسني وهو أكثر الشيوخ الذين داوم معهم في طلب العلم، وفي وقتٍ قصيرٍ ظهرت عليه علامات النبوغ فدرس ودرَّس للطلاب وألَّف في علوم مختلفة، وكان يقضي وقته من أول النهار حتى العشاء مع الطلاب يدرِّس لهم، ويؤلف الكتب، وإذا فرغ من هذا جلس يرتل القرآن بصوتٍ جميلٍ شجيٍّ يسعى لسماعه مئات الناس.
وتولى مشيخة الأزهر سنة 1263هـ - 1847م واستمر في التدريس مع القيام بشئون المشيخة، وكان يمتاز بالهيبة والوقار، والحرص على كرامة العلماء، وكان السلطان عباس الأول يحضر دروسه أحيانًا كثيرةً بالأزهر ويقبِّل يده.

آثاره العلمية وتأثيره

وبعد فترةٍ وجيزةٍ تألَّقت مواهب الشيخ الباجوري وهو مازال شابًا، وشهد له شيوخه بالصدارة في العلوم المختلفة الإسلامية والعربية والثقافية، فقد تفوق في العلوم الشرعية وبخاصة الفقه الشافعي الذي كان فيه بحرًا لا ساحل له ولا قرار، وصار نجمًا ساطعًا في سماء العلوم الإنسانية وغيرها.
ومن هنا جلس للتدرس في الأزهر والمدارس التابعة له، وأصبحت له حلقة يؤمها الطلاب من كل مدينة وقرية، ويتوافد عليها العلماء من كل مذهب ومشرب، والسرُّ في انفراده دون زملائه هو دقة العبارة والإشارة، وفصاحة اللسان والبيان، وسعة علومه وثقافته المتنوعة، وظلَّ هكذا بعد توليه المشيخة.
وتوالت في زمانه أحداثٌ كثيرةٌ، فلقد أقعده المرض وضعف الشيخ الباجوري عن إدارة شئون مشيخة الأزهر وتصريف أمورها، فصدر أمر بتعيين أربعة وكلاء لمساعدته على القيام بأعباء وظيفته، واجتمع العلماء واختاروا كلا من الشيخ أحمد العدوي والشيخ إسماعيل الحلبي والشيخ خليفة الفشني والشيخ مصطفى الصاوي وجعلوا الشيخ مصطفى العروسي رئيسًا عليهم، واحترامًا للشيخ الإمام الباجوري لم يُعَيَّن أحدٌ مكانه في المشيخة حتى لقي ربه.
وقد تخرج على يده طائفةٌ كبيرةٌ من علماء الأزهر من أبرزهم رفاعة الطهطاوي، الذي لازمه ودرس عليه شرح الأشموني وتفسير الجلالين وغيرهما.

تصنيفاته ومؤلفاته

ومصنفات الإمام الباجوري شاهد صدقٍ وواقع حقٍّ على سعة علمه، وقد سجلها المؤرخون بأنها تزيد عن الثمانية والعشرين مصنفًا في علومٍ عديدةٍ وثقافاتٍ متعددةٍ ومن أهم كتبه ومؤلفاته:
1. تحفة المريد على جوهر التوحيد- حاشية على متن الجوهرة.
2. حاشية على متن السنوسية، المسماة (أم البراهين) لأبي عبد الله محمد بن يوسف السنوسي الحسيني المتوفي سنة 895 هـ.
3. حاشية على شرح السعد للعقائد النسفية.
4. منح الفتاح على ضوء المصباح في النكاح (فقه شافعي).
5. تعليق على الكشاف في تفسير القرآن الكريم.
6. الدرر الحسان فيما يحصل به الإسلام والإيمان.
7. حاشية الباجوري (فقه شافعي).
8. حاشية على متن السلم في المنطق.

وفاته

لقد كرَّس فضيلة الشيخ الباجوري حياته من أجل الأزهر ورفعته حتى أقعده المرض، وحال بينه وبين ما يريد، وقد لبى الشيخ الباجوري نداء ربه سنة 1277هـ - 1861م، وصُلِّيَ عليه في الأزهر، وأجريت له المراسم المعتادة من قبل زملائه من العلماء وتلاميذه النجباء، وشُيِّعَ في جنازة مهيبة، تتفق وجهاده في سبيل رفعة الأزهر وطلابه وعلمائه، وهكذا رحل عالمنا الجليل إلى مثواه الأخيربعد أن ملأ الدنيا علمًا ونورًا
رحمه الله وتغمده بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته.
وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيًا.

0 comments: